القائمة الرئيسية

الصفحات

script data-ad-client="pub-7359341889449383" async src="https://pagead2.googlesyndication.com/ pagead/js/adsbygoogle.js">

إذا ما اتجه الفكر في السماوات حيث انتشرت النجوم في الليل ، وإذا ماگل البصر فيما لا نهاية له من الآفاق المظلمة ، وإذا ما خشعت النفس خشعتها من رهبة السكون الشامل ، فإنك تشرق بوجهك الكريم من خلال هذه الآفاق ، وتسمع صوتك في ذلك السكون ، وتمس بعظمتك النفس الخاشعة المطمئنة . تبدو الآفاق المظلمة كأنها باسمة مشرقة ، ويتحول السكون إلى نبرات مطربة ، تنبعث من كل صوب ، وتتغنى النفس الخاشعة لتقول : « أنت أنت الله » . وإذا ما كان المتأمل على شاطئ البحر الخضم ، وأرسل الطرف بعيدة ، حيث تختلط زرقة السماء بزرقة الماء ، وحيث تنحدر شمس الأصيل رويدا رويدا كأنها الإبريز المسجور ، لتغيب في هذا المتسع الملح الأجاج ، وحيث تتهادى الفلك ذات الشراع الأبيض في حدود الأفق الملون بألوان الشفق ، كأنها طائر يسبح في النعيم . إذ ذاك يشعر المتأمل بعظمة واسعة عظمة البحر الواسع . ويدق الفؤاد فتقر العين باطمئنان القلك الجاري على أديم الماء الممهد ، وفي رعاية الله الصمد ، حيث تكون مظهر العظمة ، وحيث تطمئن النفس لرؤية ماتطمئن إليه من منظر جميل . ويدق الفؤاد بدقات صداها في النفس « أنت أنت الله » وإذا ما انطلقت السفينة بعيدا في البحر الجي ، وهبت الزوابع ، وتسابقت الرياح ، وتلبد بالسحب الفضاء ، واكفهر وجه السماء ، وأبرق البرق ، وأرعد الرعد ، وكانت ظلمات بعضها فوق بعض ، ولعبت بالسفينة الأمواج ، وأجهد البحار جهده ، وأفرغ الربان حيلته ، وأشرفت السفينة على الغرق ، وتربص الموت من كل صوب وحدب . إذ ذاك يشق ضياؤك هذه الظلمات والمسالك ، وتحيط رأفتك بهذه الأخطار والمهالك ، وتصل بحبال نجد تلك المكروبين البائسين ، فيردد القلب واللسان « أنت أنت وإذا ما اشتد القم بمن أحاطت به عناية الأطباء ، وسهر الأوفياء ، ونام بين آمال المخلصين ودعوات المحبين ، ثم ضعفت حيلة الطبيب ، ولم ينفع وفاء الحبيب ، واستحال الرجاء إلى بلاء . إذ ذاك تتجلی مستوية على عرش عظمتك ، والنواصي خاشعة ، والنفوس جازعة ، والأيدي راجفة ، والقلوب واجفة ، لتقول : « أنا قضيت » ، ويقول الطبيب والقريب والحبيب : « لك الأمر ، أنت أنت الله » . وإذا ماباين الدنيا إنسان وباينته ؛ إذ ينظر إلى المال فيلقاه فانية ، وإلى الجاه فيلقاه ذاوية ، وإلى الأماني فيلقاها زائلة ، وإلى الآمال فيجدها باطلة ، وإلى الشهوات فيجدها خادعة كاذبة ، وإلى المسرات فيجدها آفلة غاربة . إذا يستغني والمال ، وتشل في نفسه حره بركة الآمال ، وبين جاه دول ، وأمل يزول ، لا يملأ فراغ النفس إلا ذكرك : « أنت أنت الله » . وإذا ما وقعت العين على زهرة تتفتق في الأكمام ، أو تلاقت العين بعين يملؤها الحسن والابتسام ، وأعجب المعجبون بجمال الفجر المتنفس ، وتغريد الطير المتربص ، وعاود الصدر انشراحه ، وملأ القلب ارتياحه . إذ ذاك يشرق في قلوبنا نورك الجميل فنراك « أنت أنت الله » . فيما يمس النفس من مظاهر العظمة ، ومظاهر السعة، ومظاهر الرحمة، ومظاهر ذاء عن الحياه القدرة والقضاء، ومظاهر الدوام والبقاء ، ومظاهر الجمال والجلال ، اعتاد الناس أن يصفوك بالعظيم ، وبالواسع والرحيم ، والقادر والدائم ، والجميل والجليل ، وأوتار القلوب تردد : « أنت أنت الله ، أنت أنت الله » .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات