يتميز اليمن بكثرة الجزر التي تنتشر على امتداد الشواطیء اليمنية ، ومن أهم هذه الجزر وأكثرها شهرة أرخبيل سقطرى ، كبرى الجزر اليمنية على الإطلاق . وهي تقع في البحر العربي ، وتقدر مساحتها بنحو ( ۱۲۰۰ ) میل مربع . وتبعد حوالي ( ۱۹۳ ) ميلا عن رأس فرتك بمحافظة المهرة ، أقرب نقطة على الساحل اليمني . ويتبع جزيرة سقطرى أرخبيل من الجزر الصغيرة التي تقع في الجانب الغربي منها ، وهي جزر الأخوين ( سمحة ) و ( در سة ) ، وجزيرة ( عبد الكوري ) التي تعد أكثر هذه الجزر كثافة بالسكان ، وأغناها بمصائد اللؤلؤ منذ العصور القديمة ، كما أنها أكبر جزر الأرخبيل بعد سقطرى . وسقطرى جزيرة تاريخية لها شهرتها وحياتها العريقة ، ولها أهميتها التاريخية والاقتصادية ، ونشاط الطريق التجاري المهم الذي عرف في التاريخ القديم « بطريق اللبان وقد كانت سقطرى منذ تلك العصور السحيقة مركزا رئيسا لإنتاج تلك السلع التي قدسها الأقدمون لعلاقتها بطقوسهم في المعابد القديمة ، كما كانت تمثل المخزن التجاري الخلفي الداعم الاقتصاد مملكة حضرموت اليمنية القديمة ، التي عرف ملكها باسم ( ملك بلاد اللبان ) . ومن أهم السلع التي اشتهرت جزيرة سقطرى بإنتاجها في تلك العصور القديمة : التد ، وهو صنف من البخور ، والصبر السقطري ، وهو الذي يعد من أجود أنواع الصبر . كما اشتهرت بإنتاج الم واللبان ، وغيرها من الطيوب . وبسبب هذه المكانة التجارية المرموقة ، اكتسبت سقطرى شهرة واسعة في التاريخ القديم ؛ إذ تردد ذكرها في الأرجاء ، وذاع صيتها تجاوز حدود المكان إلى شعوب و حضارات العالم القديم ، التي كانت تنظر إلى تلك السلع نظرة تقديس ، لعلاقتها بطقوسهم في المعابد القديمة وكانت تطلق على الأرض المنتجة لها اسم ( الأرض المقدسة ) . وكان قد مساء اليونان ، والرومان يطلقون على جزيرة سقطرى اسم ( جزيرة السعادة ).
وتتمتع جزيرة سقطرى بموقع استراتيجي متميز على ملتقى الطرق البحرية في المحيط الهندي - منذ القدم - محط أنظار الغزاة والقراصنة الطامعين في خيراتها ، وكان أهلها يقفون سدا منيعا أمام جيوش الغزاة والطامعين ، ويدفعون عنها الأخطار ببناء القلاع والأسوار الحصينة . وجزيرة سقطرى اليوم درة يمانية تتلألأ سحرا وجمالا ، تتبع محافظة حضرموت ، وتؤلف مع بعض الجزر الأخرى مديرية سقطرى . وتقسم سقطرى من الناحية الطبيعية إلى قسمين هما : منطقة البادية ، وموقعها وسط الجزيرة بين أحضان الجبال الشاهقة ، وتغطي مرتفعاتها أحراش كثيفة من الأشجار المتنوعة . ومنطقة الساحل ، وتنتشر في رحابها المدن الصغيرة والمراكز ، وأهم هذه المدن : العاصمة الإدارية الجزيرة سقطرى ، وقلنسية ، وقاضب ، ونوجد .. ويتوافر في جزيرة سقطرى العديد من المقومات السياحية الفريدة ، التي تجعلها من أبرز معالم الجذب السياحي في اليمن ؛ فهي تعد واحدة من أهم الحدائق النباتية الطبيعية في العالم ، وتستحق أن تدرج ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي لندرة نباتاتها وحيواناتها . حيث ينتشر في الجزيرة وأرخبيل الجزر التابع لها غطاء نباتي طبيعي يزدان بالعديد من ا النباتات النادرة ذات الألوان الجميلة الراهية ، كما تنتشر فيها كثير من الوديان والأنهار الصغيرة الجارية التي تكسوها غابات النخيل الكثيفة ، وتتخللها خلجان وشواطئ رملية صافية ناعمة ؛ ولهذا تبدو الجزيرة لوحة طبيعية بديعة الجمال ، تجمع في إطارها بين الجبل والنخل والشاطئ وقد تبين من الدراسات المسحية التي تم القيام بها حديثا ، أن سقطرى - وهي أكبر جزر الأرخبيل – تعد من أهم الجزر في العالم من حيث التنوع الحيوي النباتي . كما أنها واحدة من بين أهم عشر في العالم من حيث الأنواع النباتية الفريدة النادرة التي تنتشر فيها . وتشير نتائج هذه البحوث إلى أنه يوجد في جزيرة سقطرى ، وأرخبيل الجزر التابع لها نحو ( ۹۰۰ ) نوع من النباتات النادرة ، وأن من بينها و ( ۳۰۰ ) نوع من هذه النباتات تنفرد به جزيرة سقطرى دون غيرها من بقاع العالم .
ومن أمثلة هذه النباتات النادرة شجرة دم الأخوين ، وشجرة اللبان التي يوجد منها في الجزيرة تسعة أنواع ، والصبر السقطري ، وبعض النباتات الطبية التي اعتمد عليها الإنسان القديم في الماضي كعلاج لبعض الأمراض . ومن أهم النباتات النادرة التي تجاوزت شهرتها الآفاق ، شجرة دم الأخوين التي اقترن اسمها باسم الجزيرة لشهرتها وأهميتها منذ أقدم العصور ، ويتراوح ارتفاعها مابين ( 6 - ۹ ) أمتار ، وتبدو للناظر إليها مثل مظلة مقلوبة ، ويقوم أهالي الجزيرة بإحداث شقوق في ساقها ، وعندئذ تسيل منها مادة لزجة حمراء اللون ، ترك فترة حتى تجف ، ثم تجمع وعد للتصدير إلى أنحاء العالم ، وهي تدخل في كثير من الصناعات ، وتستخدم علاج لبعض الأمراض . وقد نسجت حول هذه الشجرة العديد من الحكايات والقصص الخرافية ، منها أن هذه الشجرة نبتت من دم الأخوين هابيل وقابيل عندما حدثت أول جريمة قتل في التاريخ ، فسال الدم الذي نبتت منه هذه الشجرة . ومنها ، أن الشجرة تمت من دم متر سال من تئين وفيل في أثناء صراعهما حتى الموت . ويوجد في جزيرة سقطرى - إلى جانب هذه الحياة النباتية - أنواع متعددة ومتنوعة من الطيور تشكل مع البيئة النباتية أحد المعالم السياحية فيها . فهناك حوالي ( 141 ) نوعا من الطيور النادرة التي تتكاثر في الجزيرة ، ومن بينها تسعة أنواع من الطيور المتوطنة في الجزيرة ولا توجد في أي مكان آخر من العالم . والزائر لجزيرة سقطرى يسترعي اهتمامه حيوان غريب تنفرد به هذه الجزيرة بوصفه أحد المعالم السياحية فيها ، وهو الحيوان المعروف باسم ( قط الباد المتوحش ) وهو يشبه في شكله القط العادي لكنه أكبر حجما منه . ويعيش بين غابات النخيل . ويقوم أهالي الجزيرة باصطياده مستخدمين أشراك صيد خاصة . ثم يقومون بعد ذلك باستخراج مادة « الباد » ) منه ، عن طريق الضغط الشديد على غدته عند مؤخرته ، أو باستعمال مشرط لجرح الغدة حتى يتدفق منها الزباد . والباد عبارة عن مادة سوداء اللون ، زفرة الرائحة ، ويخالط رائحته طيب کرائحة المسك وصنع من هذه المادة نوع من العطور العربية يسمى ( عطر الزباد ) . وبعد استخراج الزباد من القط ، يطلق سراحه ، فيهرب إلى مزارع النخيل ، حيث يقوم الأهالي باصطياده مرة أخرى لاستخراج الزباد منه ثانية . إن جزيرة سقطرى تعد واحدة من أهم المحميات الطبيعية الكونية ، ومن أبرز المعالم السياحية في بلادنا التي يؤمها كثير من السائحين والزائرين . وقد قامت حكومة بلادنا بتوفير كافة الخدمات العمرانية والصحية والتعليمية لهذه الجزيرة ، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى تقدمها وربطها بالعالم من حولها.
تعليقات
إرسال تعليق