القائمة الرئيسية

الصفحات

script data-ad-client="pub-7359341889449383" async src="https://pagead2.googlesyndication.com/ pagead/js/adsbygoogle.js">

المبيدات وأضرارها في البيئة

تعد مشكلة التلوث البيئي الناجمة عن الاستخدام العشوائي المسرف للمبيدات من أخطر المشكلات البيئية التي أضحت تشكل الهاجس الرئيس للمهتمين بشؤون البيئة والحفاظ عليها، كما باتت تشكل تهديدا كبيرة لحياة الإنسان وسلامة بيئته على حد سواء.
والمبيدات اصطلاح يطلق على كل مادة كيماوية تستعمل لمقاومة الآفات الحشرية أو القطرية، أو العشبية، أو أي آفة تلتهم المزروعات اللازمة للإنسان في غذائه و كسائه.
وتصنف هذه المبيدات في عدة مجموعات رئيسة تشمل المبيدات الحشرية، والقطرية، والعشبية كما تشمل كذلك مبيدات القوارض، والديدان وغيرها.
وقد جاء استخدام هذه المبيدات في بداية الأمر - وخاصة في دول العالم الثالث - تلبية للاحتياجات الإنسانية الملحة في حماية المحاصيل الزراعية من الآفات التي كانت تلتهم كميات هائلة من المزروعات مسببة أزمات غذائية خانقة تؤدي إلى وقوع الإنسان فريسة للجوع والمرض، واستحداث لبيئة جديدة خالية من الشوائب، من أجل إنتاج محاصيل زراعية وفيرة تفي بالحاجة المتزايدة إلى الغذاء.
أصناف من فسعادة البشر ورفاهيتهم إن كان الدافع الأساسي لاستخدام المبيدات، ولكن بعد أن قطع الإنسان شوطا بعيدا في إنتاج هذه المواد الكيماوية واستخدامها، اكتشف العلماء أن لها وجها قبیح کالج يفترس سعادة الإنسان، ويفتك بصحته بما تنقله إليه - على المدى الطويل - من أمراض خطيرة تتسلل إلى جسمه، وتسري في أعضائه سريان النار في الهشيم.
ولذلك ارتفعت صيحات العلماء تدق ناقوس الخطر، وحذر من در كارثة بيئية محققة تهدد حياة الإنسان في حاضره ومستقبله، جاء الاستخدام العشوائي المفرط للمبيدات، والتسابق المحموم في إنتاج المبيدات شديدة السمية، وبالغة الخطورة، وبكميات وفيرة.
والمثير للدهشة أن معظم هذه المبيدات محظور بيعها واستخدامها في البلدان المنتجة لها، بينما يتم تصديرها وتسويقها وتداولها في بلدان العالم الثالث، وبلادنا واحدة منها دون رقابة صحية وقانونية شديدة وصارمة، مما يؤثر في النهاية على توازن البيئة، وصحة الإنسان.
إن أضرار استخدام المبيدات ومخاطرها الجسيمة على صحة الإنسان والحيوان والتوازن البيئي ليس رجما بالغيب أو ضربة من الخيال، وإنما هي اليوم حقيقة علمية ثابتة ومؤكدة ؛ فقد ثبت أن هذه الكيماويات وما تلفظه من سموم وملوثات في التربة والماء تؤثر على صحة الإنسان في المدى الطويل.
كما ثبت أنها تضعف من إخصاب التربة، لأنها ببساطة تقضي على بكتيريا الخصوبة فيها.
ويقول الخبراء: إن الإسراف في استخدام مبيدات الآفات بأنواعها المختلفة يؤدي إلى انتقال كثير من العناصر السامة إلى التربة والنبات، ثم الحيوان لتصل في النهاية إلى الإنسان، فتصيبه بمختلف الأمراض، وتؤدي إلى ظهور الأورام السرطانية والتشوهات الخلقية من وقت إلى آخر.
والكثير من هذه المركبات يمتلك خاصية التراكم فتظهر آثارها السلبية في البيئة والإنسان بعد سنوات.
ولا يوجد مايضمن في كل الأوقات، وفي كل المواقع - حسن استخدام المبيدات، وهذه حقيقة ( عملية ) يتفق عليها الخبراء، فسوء استخدام المبيدات يظل أمر قائمة، نتيجة للجهل بخصائصها وكيفية تداولها وإعدادها، أو نتيجة للإهمال في تخزينها واستعمالها. وحتى لو افترضنا أو توقعنا حسن الاستخدام، فإن التلوث واقع لامحالة ؛ إذ إن الكمية المستخدمة من المبيدات لا تستهلك كلها في مقاومة الآفات الزراعية أو طفيليات حيوانات المزرعة، بل يبقى جزء منها كامنة في البيئة المحيطة، يضرب في كل اتجاه ؛ فيتسرب جانب منه إلى المجاري والمسطحات المائية، ويتطاير منه متخذا هيئة غازية، فيلوث الهواء.
وثمة تقديرات تفيد بأن مایؤثر فعلا في إماتة الحشرات والحشائش الضارة والطفيليات لايزيد على واحد في المائة فقط، من كمية المبيدات المستخدمة، وأن ۹۹ ٪ منها يتسرب، وهناك، في الأنظمة البيئية المختلفة، فتحمله مياه الصرف الزراعي إلى النهر ومنه إلى البحر والمحيط. 
ثم إن بعض هذه الكمية الضخمة المتسربة تمتصه النباتات وتختزنه في أنسجتها، ومنها ينتقل إلى حيوانات المزرعة، ثم إلى الإنسان، المستهلك الأكبر لها.
إن كميات كبيرة من مبيدات الآفات التي يتم تداولها واستخدامها في كثير من دول العالم الثالث ذات بعض منه هنا من
سمية عالية، وتظل مدة طويلة في الهواء والماء والتربة، لتتجمع في النهاية في جسم الحيوان أو الإنسان. وقد أثبتت الدراسات التي أجريت على عينات من الأطعمة وجود نسبة عالية من التلوث بالمبيدات في خمسة أصناف منها، وأن أعلى نسبة تلوث وجدت في الفاكهة، واتضح أن بعض أنواع الخضر والفاكهة يتم رشها بمعدلات كبيرة من المبيدات تصل إلى عشرين مرة.
وفي مجتمعنا اليمني يستخدم المزارعون أنواعة عديدة من المبيدات الكيماوية المحرمة دولية في مقاومة الآفات التي تصيب الفواكه والخضراوات، وتعد شجرة القات من أكثر المزروعات التي تحظى باهتمام المزارع اليمني، ويستخدم في مكافحة آفاتها أنواع عديدة من المبيدات المحظور استخدامها دوليا حسب توصيات منظمة الصحة العالمية.
ولا يتوقف خطر استخدام المبيدات على تلويث التربة والماء والغذاء، بل يمتد إلى إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض مثل : السرطان، والربو، والحساسية، والإجهاض، والعمى والعقم، وارتعاش الأطراف والشلل، وتشوه الأجنة، وغيرها من الأمراض.
وتقول لنا التقارير العالمية إن هناك حوالي خمسمائة ألف من البشر في العالم الثالث يصابون بالتسمم من هذه المواد الكيماوية كل عام، من بينهم عشرة آلاف - على الأقل - إصابتهم مميتة.
ويومي يكشف العلماء عن أخطار جديدة على الإنسان والبيئة تسببها كيماويات مستخدمة منذ زمن، أو أخرى حديثة العهد ؛ وذلك إما بسبب تقدم العلم والبحوث، أو لأن نتائجها على الإنسان وبيئته لاتظهر إلا بعد
زمن، كما في حالة المركب الكيماوي المعروف باسم ( د.د.ت)، فقد أثبتت الدراسات العلمية تورطه في الإصابة بالأمراض السرطانية، وأمراض العقم، وفي حدوث بعض الاضطرابات في وظيفة كل من المعدة، والكبد، وفقدان الذاكرة، وبعض مظاهر التبلد والخمول.
وقد منع استخدام هذا المركب الكيماوي السام في معظم الدول الغربية، بسبب تأثيره السلبي الأكيد على البيئة والإنسان، ولكنه لايزال يستخدم بتوسع في بعض دول العالم الثالث لمكافحة بعوض الملاريا، أو الحشرات الضارة.
إن المبيدات الكيماوية سلاح ذو حدين ؛ فهي من ناحية، وسيلة فعالة في مقاومة الآفات الزراعية، وقتل الحشرات الضارة، وزيادة مخزون الغذاء والمحاصيل الزراعية.
وهي من ناحية أخرى آلة مدمرة تفتك بحياة الإنسان والحيوان، وتسهم في تلويث البيئة، وتؤدي إلى الإخلال بالنظام البيئي.
ولذلك فإن الاستخدام الأمثل لهذه المبيدات والتقليل من مخاطرها يتطلب بذل جهود دؤوبة وحثيثة لنشر الوعي البيئي بين المواطنين وخاصة المزارعين بأنواع هذه المبيدات، وأضرارها، وترشيد استخدامها، واتخاذ الاحتياطات الصحية اللازمة عند استعمالها وتخزينها، والسعي الجاد إلى استصدار قوانين صارمة تنظم استيرادها وفحصها ومراقبة تداولها واستخدامها.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات