القائمة الرئيسية

الصفحات

script data-ad-client="pub-7359341889449383" async src="https://pagead2.googlesyndication.com/ pagead/js/adsbygoogle.js">

في عالم البحار

يزخر عالم البحار والمحيطات بکائنات و مخلوقات عجيبة تثير دهشة الإنسان وتحير فكره، لما يراه من سحر جمالها، وتناسق تكوينها، وتلاؤم أشكالها مع وظائفها.
ومن العجيب أن يكون هذا الجمال الإلهي البديع متوارية تحت سطح الماء، لاتراه الأعين. 
ولولا أن الله سبحانه علم الإنسان مالم يعلم، وألهمه طرائق الغوص تحت الماء، وطرائق التصوير الفوتغرافي، والتصوير بواسطة الفيديو للت هذه الأسرار والكنوز مطمورة، ولبقي هذا الجمال محجوب في ظلمات البحار وأعماقها السحيقة.
إن أول ما يلاحظه المتأمل في عالم هذه المخلوقات، ذلك التناسب الدقيق بين شكل هذه الكائنات ووظائفها ؛ فالشكل الانسيابي هو الغالب على طائفة كبيرة منها ؛ وذلك لأنه يساعدها على التنقل والسباحة، ويخفف إلى حد بعيد- من مقاومة ضغط الماء لحركتها. 
كما أن الخالق الكريم وهبها أعضاء تناسب وظيفتها ؛ فالسمك الطائر مثلا - مزود بزعانف تشبه الأجنحة، تساعده على مضاعفة سرعته إذا أراد أن يلحق بخصمه، أو أراد الهروب منه، وبعض الأسماك زود بزعانف تمكنه من الدوران والمناورة بسرعة كبيرة، وبعضها يمتلك جسم فرحا يساعده على تحمل الضغوط العالية إن كان يعيش في الأعماق.
وفي عيون السمك خواص فريدة تتجلى فيها قدرة الخالق الكريم ودقة صنعه ؛ فبعض الأسماك يمتلك كشاف ضوئيا في الجزء الأسفل في كل عين تستخدمه السمكة في إفراع أي عدو يتجه نحوها، أو في التخاطب مع أفراد نوعها من الأسماك ؛ إذ إنها تتحكم في إطفاء هذا الكشاف أو إضاءته ؛ ولا تستخدمه إلا عند حلول الظلام الدامس. وتنطوي عيون بعض الأسماك على إعجاز إلهي خارق ؛ فكل من طبقتين أو تتفرع إلى عينين، لكل عين بوتها وحقتها الخاصة بها، وهذا النوع من الأسماك يعيش بالقرب من سطح الماء، ويستخدم الطبقة العليا أو عينه العليا لرؤية عدوه من طيور البحر إذا انقض عليه من الجو، أما الطبقة السفلی ( عينه السفلي ) فيستخدمها لاستكشاف ما يجري في بيئته المائية القريبة من السطح، والتقاط ما يصطاده ويقتاه من طعام، أو لتفادي أي خطر يستشعره من عدو پترصده.
ويستخدم كثير من هذه الحيوانات البحرية وسائل فريدة ومثيرة في التخفي والتمويه سعيا منها إلى المحافظة على حياتها من الأخطار الخارجية التي تتهددها.
فبعضها يلجأ إلى التلون بلون البيئة التي يعيش فيها حتى لا يسهل على أعدائه التعرف عليه.
فشقائق البحر -مث- حيوانات بحرية لها شكل الزهر، وهي خادعة أكبر الخداع ؛ إذ إنها تتلون في البحر باللون الأخضر، فتبدو في غاية البراءة، ولكن يخرج من هذه البراءة سهام تصيب أسماك البحر فتفقدها وعيها.
إنها سهام سام تخرج من زوائدها المتطاولة، تلك المجسات الحساسة التي تساعد الحيوان على صيد فريسته.
وبعضها يطلق رعشات كهربائية يصرع بها أعداءه، كما يفعل سمك الحنكليس، ومنها مايطلق غمامة من مادة سوداء تعمي عيون أعدائه كما يفعل الحبار.
وقد سمي هذا الحيوان البحري بهذا الاسم، لأنه يقذف بمادة سائلة لها لون الحبر، عندما يعتريه الخوف من عدو يتبعه، وهو يب هذا السائل في الماء ليعه، فيض - عنه العدو التابع.
وفي أعماق المحيط حيث يسود الظلام الدامس يشع جسم اخبار بالضوء الذي يصنعه جلده إرهابا لعدو يلحق به أو تضليلا له. وتعد تنانين البحر سادة التمويه والتخفي في عالم البحار، فهي تحاكي الطحالب البحرية المنسابة، وتتحرك بهدوء متربصة بفرائسها، وبهذه الطريقة تتمكن من الإجهاز عليها، أو حماية نفسها من أي خطر تتوقعه.
أما إذا أخفق التمويه في حمايتها من الحيوانات المفترسة، كالقرش والأسماك الكبيرة، فإنها تحاول أن تصد الهجوم أحيانا باستخدام زوائد شوكية حادة منتشرة في جميع أجزاء جسمها.
وفي قاع البحر تنتشر أحياء بحرية لتشكل حدائق ذات بهجة، فالأصداف الجميلة، والأزهار البحرية، والصخور التي تألفت مع الأحياء في تكوينات هندسية دقيقة الصنع هي أقرب ما تكون إلى حدائقنا الحافلة بمختلف الأزهار.
وعندما يمعن المرة النظر في تلك الحدائق التي لم تمسها يد البشر من قبل، تأخذه الدهشة وتتملكه الحيرة، ويستشعر في نفسه عظمة الخالق الكريم وقدرته المبدعة.
وتبدو الطحالب البحرية بألوانها الزاهية في أعماق البحر في منظر بديع، وهي خليط من ألوان الطيف لايضاهيها في الجمال غير ألوان الأسماك التي ترتع حولها في هذا العالم الغريب الذي يسوده سكون شامل، وصمت مطبق، لاتعكر صفوه إلا ذبذبات منتظمة لحيوان مروحة البحر، أو لحيوانات المرجان الدقيقة وهي ترشف غذاءها بواسطة أهداب لاترى العين إلا أثرها.
ومن آن لآخر تتوهج في مثل لمح البصر کائنات ذات مادة فوسفورية، تحاكي الشهب المتساقطة في بريقها وتوهجها، سرعان ما تختفي في غياهب البحر، وبعض هذه الكائنات دقيق الصنع، يرى إلابالمجهر، وبعضها كبير من فصيلة الأسماك، وقد وهب الله لها هذه القدرة على التوهج حتى يستدل الذكر على الأنثى في موسم الإخصاب  وتلك خاصية تهدف إلى المحافظة على نوعها من الانقراض.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات