القائمة الرئيسية

الصفحات

script data-ad-client="pub-7359341889449383" async src="https://pagead2.googlesyndication.com/ pagead/js/adsbygoogle.js">


إنا نشاهد أن كل من رسم لنفسه غرض يسعى إليه وأخلص له ، واستوحاه ، واجتهد في بلوغه نجح في حياته ، ولو لم يدرك الغاية كلها أدرك جانبا عظيما منها وأكبر أسباب فشلنا أننا نخلق الأنفسنا أعذار ، وأوهاما وعوائق حتى تكون لنا سد را كسد الصين حجاره حينا سوء الظن ، وحين تخذيل النفس ، وأحيانا الشك في النتيجة ، وأحيانا الكسل ، إلى غير ذلك من أسباب . ولا تزال هذه الأحجار تتراكم حتى تحجب ضوء الشمس عن أعيننا فلا نرى خير ولا نرى غاية . ليس الإنسان إلا بذرة أو نبتة تسعى دائما للخروج إلى الشمس والهواء الطلق ، وثمرتها إنما تثمر بحظها من هذين ، وبذرة الإنسان يقضى عليها بهذه العوائق التي ذكرنا فلا تثمر . وخير وسيلة للنجاح في الحياة أن يكون للشاب مثل أعلى عظيم يطمح إليه وينشده ، ويضعه دائما نصب عينيه ، ويسعى دائبة في الوصول إليه : أن يكون عالما عظيمة ، أو تاجرا كبيرا ، أو صانعا مبرزة ، أو سياسي محنكا . فمن قنع بالون لم يصل إلا إلى الدون . ونحن نشاهد في حياتنا العادية أن من عزم أن يسير می واحد أحس بالتعب عند الفراغ منه ، ولكن من عزم أن يسير خمسة أميال قطع می وميلين وثلاثة غیر تعب ؛ لأن غرضه أوسع وهمته المدخرة أكبر .
إن هذا المثل الأعلى الذي يجب أن ينشده الشباب ينبغي ألا يكون المال وحده ولو من طريق التحايل والمكر واستغلال الآخرين لمصلحته ، وابتزاز الضعفاء لشخصه ، فتلك وسيلة من الوسائل الحقيرة ، والنجاح المؤسس على هذا نجاح حقير رخيص ، إنما النجاح الحق أن يجمع الشاب إلى نجاحه في عمله نبله في خلقه وصدقه وأمانته في نفسه وعطفه وتسامحه و بره بالضعفاء وذوي الحاجة . ولست أريد أن أثبط الشباب عن الرغبة في النجاح المادي الذي يتحقق من خلال ممارسة وظيفة راقية ، أو تجارة رابحة ، أو عمل يدر الربح فذلك مطلب مشروع ويجب أن یکون ، بل يجب أن نحارب الزهادة في الحياة ، والرضا بالدون من العيش ، والإخلاد إلى الكسل والخمول ، والاتكال على الحظ والمصادفة . إنما الذي أريد أن أقوله : إن ذلك النجاح المادي لا يكفي مالم يدعم بالخلق ، ولا يصح مطلقا أن تطغى الرغبة في المال على الرغبة في الخلق والسمو بالنفس وكل من ساروا في طريق العمل بدؤوا حياتهم بنوع من الغموض والشك والظلام ، ولكن من نجح منهم إنما نجح لأنه بعد أن بدأ حياته أحس أن في يده مصباح من نفسه يضيء له الطريق ، ويستحثه على السير ، وكلما تقدم إلى الأمام خطوة استحه عزمه على متابعة الخطى من غير خوف ولا ملل ، ومتى أراه مصباحه أنه سائر على هدى وعلى صراط مستقیم لم يتشكك في سيره ، ولم يتعجل النجاح ، واستمر في طريقه حتى يبلغ الغاية . لا تيأس ، توقع الخير في غدك ، ولا قطب جبينك زاعما أن الخير قد منحه غيرك ، وليس لك منه نصيب ، ووسع أفقك ، واعتقد أن العناية الإلهية لن تحرمك الخير في مستقبلك ، فاعتقاد أن لا مستقبل لك ، ولا أمل في حياتك ، ولا خير ينتظرك سم .
يدك خير زعاف يضني الإنسان حتى يميته . وعلى العكس من ذلك ، توقعك الخير من الله تعالى وأملك في الحياة فإنهما يوسعان أفقك ويحملانك على توسيع معارفك في الحياة ، وعلى الجد فيما تختاره لنفسك من صنوف العيش ، وعلى استعمال المادة في استعمال . لا تتعلل بأنك لست نابغة ، أو أن الظروف لا تواتيك ، فالعالم لا يحتاج إلى النوابغ وحدهم ، والنجاح ليس وقفا عليهم .
 إن كثيرا من الشباب يعتقدون أن هناك من منحوا قدرة على التفوق من غير جهد ، وعلى الإتيان بالعجائب من غیر مشقة ، وعلى قلب التراب ذهب بعصا سحرية ولكن كل هذه أفكار عائقة عن العمل وعن النجاح .. ومن أهم الأمور في تكوين حياتك وصنعها ثقتك بنفسك واعتقادك فيها أنها صالحة للكفاح ، مهيأة للنجاح . فليس أضر على الإنسان من احتقاره نفسه واعتقاده عجزها ، وبعض الناس مصابون بهذا المرض يعتقدون في أنفسهم أنهم لاشيء ، وأن الاقيمة لهم ، ولا أمل في نجاحهم ، وهذا أكبر خطأ يرتكبونه نحو أنفسهم ؛ فالأمة الاتحيا ولا تتقدم إلا إذا وثق أفرادها بأنفسهم . وضعف الثقة بالنفس يقتل طموحها واستقلالها ، ويفقدها حياتها . ومن طبيعة الناس أنهم يحتقرون من يحتقر نفسه ويدوسون من استذلها ، كما أنهم يحترمون من احترم نفسه ، ويثقون بمن وثق بها . بيد أن الإنسان كثيرا مايخلط بين الثقة بالنفس واحترامها وبين الكبر والغرور ، فالثقة بالنفس اعتقادك بقدرتك على تحمل ماتتحمله من أعباء وما تلتزمه من واجب ، ومعرفتك الصحيحه بنفسك ونواحيها الجيدة . والكبر والغرور تعظیم نفسك أكثر مما تستحق ، والمطالبة بالجزاء من من أخطأ في غیر عمل ، وخداع الناس بالمظاهر الكاذبة من غير أن تكون لك قيمة حقيقية . ابتسم للحياة ، فالابتسام للحياة خير دواء للعقل ، وخير علاج لاحتمال المتاعب إن أعيته ، والابتسام للحياة يضيئها . فإن رأيت عابس فلا بد أن يكون هناك تربيته من آبائه أو مدرسيه . وقد أرتنا التجربة أن الفرحين المستبشرين الباسمين للحياة خير الناس صحة ، وأقدرهم على الجلد في العمل ، وأقربهم إلى النجاح ، وأكثرهم استفادة وسعادة مما في يده ولو قليلا . 9 ومن أكبر النعم على الإنسان أن يعتاد النظر إلى الجانب المشرق من الحياة لا الجانب المظلم منها . إن العمل الشاق العسير يخف حمله بالطبع والنفس الفرحة . قيل الشيخ هرم : إنك في ظل السبعين من السنين ، قال : لا ، ولكني في الجانب المشمس من الحياة . إن الباسم للحياة يرى الجانب المشمس منها ، والمتشائم لا يرى إلا الجانب المظلم . عود نفسك هذه العادة ، وانثر الأزهار باسم على كل من عاملته ، ولا تنظر للحياة من خلال نظارة معتمة كل إنسان في هذه الحياة قادر إلى حد ما - أن يصنع حياته فقيرة أو غنية خصبة أو جدبة ، سعيدة أو شقية ، باسمة أو عابسة ... نعم إن للوراثة والبيئة دخلا في تحديد حياته ، فهو - إلى درجة كبيرة - ذكي بالوراثة ، قوي الأعصاب ، أو ضعيفها بالوراثة ، وهو ناشئ في وسط فقير أو غني بالبيئة ، معتاد عادات حسنة ، أو سيئة بالبيئة ، وهكذا ، ولكن إرادة الإنسان وعزمه وهمه وتربيته نفسه قادرة قدرة كبيرة على التغلب على عقبات الوراثة والبيئة .
إذن فالوراثة والبيئة لاتعوقان الإنسان عن إسعاد حياته إذا منحه الله الهمة وقوة الإرادة والتفكير الصحيح توسيع أفقك ، وتحديد مثلك عالية ، وطموحك أن تكون عظيما ، ثم ثقتك بنفسك واحترامك لها في غير كبرياء ولاغرور ، ثم تفاؤلك وابتسامك وسرورك هي الخيوط التي يجب أن تنسج منها حياتك ، وما أحسنه من نسيج ، إنك إن فعلت كان ذلك خير لك ولا متك ؛ وكان ذلك نجاحا عظيما ولو لم تكسب مالا كثيرة ، فما قيمة المال إذا لم تكن سعادة ؟ وما قيمة النجاح إذا لم يكن لخلق ؟ وما قيمة الدنيا إذا عبست في وجهها دائما ؟ !
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات